قراطيس ادباء البصرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثقافي ادبي يجمع نتاج الشعراء والادباء العراقيين والعرب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولمن نحناتصل بنامجلة بصرياثا

 

 مشروع قراءة في التجريب الفني في القصة العراقية القصيرة (بنية السارد نموذجا)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جمال
عضو جديد
عضو جديد
جمال


عدد الرسائل : 22
تاريخ التسجيل : 15/03/2008

مشروع قراءة في التجريب الفني في القصة العراقية القصيرة (بنية السارد نموذجا) Empty
مُساهمةموضوع: مشروع قراءة في التجريب الفني في القصة العراقية القصيرة (بنية السارد نموذجا)   مشروع قراءة في التجريب الفني في القصة العراقية القصيرة (بنية السارد نموذجا) Icon_minitimeالجمعة يناير 30, 2009 6:14 pm


بقلم -جميــــــل الشبيبـــــي

1-2
تتبنى هذه القراءة اقتراحات متعددة عن ظهور السارد وتجليه في القصة العراقية القصيرة،وتهتم بشكل خاص بالجانب التجريبي فيه من خلال نماذج من السرد القصير لقاصين عراقيين من مختلف الاجيال، وبهذا المعنى فان هذه القراءة تتجه اتجاها تأريخيا- فنيا من اجل اثارة اسئلة مهمة عن تلك العلاقة الثقافية –الادبية التي تشكل الشخصية العراقية الثقافية المنتجة في تواصلها وديمومة حركتها الصاعدة واتصال اللاحق منها بالسابق بعيدا عن الشكل التي تبدو به الان وكانها ثقافة مقطعة الاوصال لاترتبط بروابط اصيلة ومستمرة. لقد فرضت السياسة وانظمة الحكم المختلفة على الثقافة العراقية هذا الشكل من عدم التواصل بسبب مطامحها السياسية والايدولوجية، عبر التعتيم والتجاهل للانجازات الثقافية والفكرية والادبية التي لاتخدم اغراضها السياسية والايدولوجية وتضخيم الافكار والنتاجات التي تلائم هذا المنحى، ويتضح ذلك بشكل جلي في الكتب والمناهج الدراسية التي تعبر عن وجهة نظر السلطة الحاكمة.وكان من نتائج هذه السياسية تمركز النظرة الفئوية والانتقائية والذاتية في مجال النشروالتوزيع والنقد الادبي والدراسات الاكاديمية في الجامعات العراقية التي كرست هذه المفاهيم الخاطئة وعملت بها وما زالت تمارسها لحد الان ,
من هذه المنطلق، نحاول ان نشير الى الاسهامات التي قدمتها اسماء من القاصين العراقيين في هذا الجانب من خلال مفهوم او مصطلح التجريب في القصة العراقية القصيرة، وبالتخصيص في اشكالية التجريب في بنية السارد فيها.
والتجريب في هذا الجانب يشكل عتبة مهمة في هذا الاتجاه.ذلك لان التجريب (قرين الابداع، لانه يتمثل في ابتكار طرائق واساليب جديدة في انماط التعبير الفني المختلفة فهو جوهر الابداع وحقيقته عندما يتجاوز المالوف ويغامر في قلب المستقبل ) كما يقول الدكتور صلاح فضل (1)
والتجريب في القصة العراقية القصيرة قد بدا في وقت مبكر من قيام النهضة العراقية الحديثة، نذكر مثالا على ذلك في جهود القاص ( عطاء امين ) الذي تمثل في تطوير سرود ( الرؤيا) الى قصة قصيرة في قصته الرائدة ( كيف يرتقي العرق ) التي كتبها 1919واستثمر فيها ممكنات الاحلام لاستكشاف عالم اللامالوف باتجاه الواقع المعيش ابان الاحتلال الانكليزي للعراق بعد الحرب العالمية الاولى ومستثمرا عددا من الساردين بلغات متنوعة (2). لقد اقترن التجريب والتجديد في السرد العراقي القصير بالعلاقة مع التطور في الواقع العراقي المعيش هجاء او كابوسا او بناء مفارقا باتجاه مدن اليوتوبيا، وقد اقترن هذا التجريب اساسا في المفارقة بلغة القص التي حفلت بالتقنيات المتنوعة لانشاء هياكل شكلية غير معروفة في السرد المحلي، وبتركيز او تضخيم لهذا العنصر من عناصر القصة او ذاك،وقد اتضح ذلك في فترات تاريخية اطلق عليها بعض النقاد مصطلح الجيل اساسه حقبة زمنية امدها عشر سنوات على الاغلب.
ومشروع قراءتنا هنا يتعلق بنزعة التجريب في بنية السارد باعتباره بنيةذات وظائف متعددة وباعتباره (الصوت السردي الذي نسمعه في الرواية، ويتكفل بتقديم الحكاية الى مخاطب سردي او قارئ مفترض.)(3)وهو مسؤول عن تقديم وجهة النظر ( وجهات النظر ) التي تتحكم في حركة السرد باعتباره نائبا عن المؤلف (المؤلف الضمني) كما انه مسؤول (عما يستخدمه من تقنيات تساعده على تحقيق رؤيته على اقامة تركيب لغوي فني )(4).
لقد تطورت بنية السارد وتعقدت عبر العلاقة بين الاشكال الفنية والادبية وعبر التحولات في البنية الاجتماعية والسياسية في المجتمع، ولم تكن علاقة الاشكال الفنية والادبية مع تطورات الواقع المعيش علاقة متسقة او متزامنة، بل انها كانت تنجز عبر مفارقات مهمة اساسها استشراف الفني والادبي على البنية الاجتماعية السياسية التي تظل ساكنة لفترة طويلة من الزمن خصوصا فيما يسمى بالبناء الفوقي للمجتمع الذي ينتظم في العلاقات بين الناس بعاداتهم ومعتقداتهم والقوانين التي تحكم واقعهم (العرفية والمدنية). وبهذا المعنى فأن استشراف الفني وتفوقه في ابتكاراساليبه وتقنياته يعد علامة من علامات النهضة الثقافية والادبية في العراق التي شارك في بناء صرحها مثقفون وادباء وسياسيون من مختلف الاجيال. ويمثل التجريب والتجديد في الاشكال الادبية والفنية نزعة اساسية في هذا المجال، وسنحاول ايضاحه ضمن هذا المشروع الذي نطمح ان يستوعب هذه النزعة عبر نماذج تطبيقية من مختلف الاجيال.
لقد درس النقد الادبي نماذج متنوعة من السرد العراقي القصيروانجازات هذا السرد في اللغة القصصية والابنية التي تتشكل بها، ولكنه لم يفرد – حسب اطلاعي المحدود- قراءة خاصة لظهور السارد وعلاقته بمن يسرد ولمن يسرد، باستثناء كتاب الناقدة اللبنانية الدكتورة يمنى العيد الموسوم ( الراوي : الموقع والشكل ) المكرس للسرد الروائي باستثناء فصل عن القصة القصيرة تناولت فيه قصة ( رائحة الصابون ) للروائي الياس خوري. اضافة الى كتابات يغلب عليها طابع التنظير عن بنية السارد ووظيفته وانواع الساردين، وهي كتابات لم تتوقف عند الجانب التطبيقي للسرد الروائي او القصير لاغناء النظرية الادبية بالجديد والمبتكر عبر النقد التطبيقي.وبهذا المعنى لانتوقف عند بنية السارد وأنواعه ووظائفه في القصة والرواية فهي خارج اهتمام هذه القراءة.
1- تعدد الصوت السارد في قصة (جيف معطرة) للقاص عبد الملك نوري
يتمظهرالسارد في هذه القصة بشكل جديد على القصة العراقية القصيرة وربما القصة العربية عموما (5)ويمكننا التاكيد بانه بنية تجريبية مبكرة في الجانب التقني الذي ظهر فيه من تاريخ الاستثمار المبكر لتقنية تيار الوعي او تيار اللاشعور في القصة العربية القصيرة، فقد نشرت هذه القصة في مجلة الاداب اوائل الخمسينيات من القرن العشرين وهي تحمل اصداء التاثر الواضح بتقنية تيار الوعي التي انتشرت في الغرب وامريكا منذ الاربعينات، وكان القاص عبد الملك نوري من اوائل القاصين العرب ممن تاثر بهذه التقنية.ويتضح التجريب في هذه القصة وبالذات في بنية السارد من خلال اعتماد مؤلفها على مجموعة اصوات متضامنة على رصد عالم الطبقات الغنية في بغداد ابان فترة الخمسينيات وهي على مشارف السقوط في هاوية الانحطاط والرذيلة، ويتضح ذلك من الحوارات الداخلية للشخوص التي يديرها وينظم ظهورها واختفاءها سارد عليم بالتنسيق مع ضمائر المتكلم حين يعطي شخوص القصة حرية التعبير عن اعماقها دون تدخل منه وبتمهيد بسيط منه على شكل تعليقات صغيرة تهتم بتوجيه حركة السرد بالاتجاه الذي يريده المؤلف، وبهذا المعنى فأن السارد العليم في هذه القصة ينهض بوظيفة تنسيقية بينه وبين الضمائر المشاركة في تحقيق سيرورة السرد،. والقاص عبد الملك نوري الذي استثمربنية السارد العليم في العديد من قصصه، يجرب هنا تجربة جديدة في بنية السارد تتيح له حرية الحركة بين شخوصه ومن خلالها، لايضاح وجهات نظر متباينة عن وضع عائلة ( عوائل )تعيش واقعا مازوما يتضح لنا من خلال شخصيتين رئيسيتين في السرد هما ( ام بديعة ) التي تملك القصر والتي اصبحت خارج الحياة بفعل عمرها الامر الذي جعلها متذمرة من الحياة التي تعيشها ابنتها وزوجها ممدوح ، في حين تمثل صديقتها ( ام سليمة ) التي تتواجد يوميا في دار ام بديعة وجهة نظر مخالفة اساسها الحسد من واقع الغنى الفاحش الذي تعيش به عائلة صديقتها ام بديعة، اما الشخصيات الاخرى في القصة التي يسمح لها السارد العليم بالتعبير عن ذاتها فهي الشخصيات المستفيدة من الثروة كبديعة وزوجها، والسارد العليم / المؤلف الضمني يصوغ من خلال تداعياتها انغمارها في عالم الملذات.كما يضئ بشكل كامل هذا البذخ من خلال وجهة نظر الخادم (بطرس) الذي يرى ذلك بشخصية بديعة وجسدها وانوثتها الطاغية.
ان الانتقال من ضمير الى اخر يتم مرة بتمهيد قصير تظهر فيه شخصية السارد / المؤلف او بشكل مباشردون تمهيد ، الامر الذي يجعل هذه القصة مجموعة تفوهات وردود افعال حوارية مع الذات دون ان يكون للحوار المباشر (الديالوج) سوى مساحة صغيرة اساسها المجاملة، اما الحوار الداخلي فيمثل وجهة النظر الفعلية للشخصية التي تتفوه به لنفسها، الامر الذي يجعل هذه الحورات مع الذات تقنية فنية تتستر من خلالها الشخصية القصصية لاظهار صوتها وبالشكل الذي يعبر عن وجهة نظرها عن الحياة، وهي وجهة نظر محدودة بعالمها وما يحيط به من شخوص، ويتضح من حوار الشخوص مع ذواتها ان السارد /المؤلف الضمني ينمي مفهوما عن واقع الطبقات الغنية، يشي بذلك التفكك والانحلال الاخلاقي وان هذا العالم قد بدا يتقوض ويموت،ونلاحظ ذلك من حوار (ام بديعة) الصائت وهي تشير الى هذا العالم الذي تملكه ولا تستطيع التاثير على مسار حركته (البلاء، آه لم ينقض بعد، رجفة في ظهري اين مشملي الصوفي ؟رائحة النفتالين، بديعة افتحي هذا الدرج...ص278)ويتمثل هذا البلاء باستحواذ زوج ابنتها على الثروة (آه ياكلب كأنه ينفق من مال ابيه، نزاح ابن نزاح ابن نزاح ص278) ان صوت ام بديعة هنا يمثل صوتا اخلاقيا لاتاثير له على مسار الاحداث ولكنه يكشف جانبا من حياة هذه العائلة الغنية، وهو بديل عن الايضاحات والاوصاف التي كانت من وظيفة السارد العليم في القص الخمسيني وهو ايضا نقلة نوعية في السرد متمثلا بنهوض الضمائر المتنوعة للشخصيات ونقلها من مسرود عنه الى سارد يعبر عن وجهة نظره من دون وساطة. اما (ام سليمه) الصديقة والحاضرة بشكل دائم فهي تكشف من خلال حوارها الداخلي وجهة نظر اخرى عن هذا العالم المتداعي (ربيع، هه، الدنيا زمهرير، ولكن البخل، خايبه لم ستتركين كل هذا المال؟، رجلك في باب القبر، وليس عندك غير بديعة، وبديعة من فضل الله في رفاه، زوجها ينهب مال الله وعباد الله، هه مسكينة ) وهناك حوارات تفصيلية مع الذات تتحدث بها أم سليمة كشاهد على غنى هذه العائلة ومصادر هذا الرفاه. لقد منح السارد العليم شخوص القصة حرية التعبير عن ذواتهم، بالحوار الصامت مرة او بالحوار الصائت مرة اخرى، كي يكشف من خلال تداعياتها خواء هذا العالم من خلال وجهة نظره التي اكدها ببنية العنوان الدالة على خواء هذا العالم باعتباره عالم (الجيف المعطرة ) مسثمرا صيغة التنكير لتشمل عوالم اخرى مشابهة.اما تداعيات بديعة وبطرس الخادم وخديجة الخادمة فتؤثث التفاصيل الاخرى في حياة هذه العائلة في حين تكون وظيفة السارد العليم وصف العالم الخارجي الذي يحيط الشخوص من وجهة نظر تعتني بالتفاصيل الدقيقة لهذا العالم وللشخوص ايضا باتجاه توكيد مظاهر الغنى والرفاه في حياة هذه العائلة،بينما تسير الحياة الداخلية لشخوصها الاساسيين باتجاه الخواء والرذيلة والتفكك الاسري. ولا يكتفي السارد/ المؤلف الضمني بالحوارات الداخلية للشخوص، بل انه يستثمر تقنيات اخرى للاضاءة والكشف والتعرية، كاستخدام التضمين بالاقتباس من رواية غرامية مقطعا جنسيا من وجهة نظر بديعة التي تتحرق لان تعيش تفاصيله مع اي ذكر (ثم احتضنها، احتضنها بشدة، فاحست بجسدها يضطرم بين ذراعيه الجبارتين... ص279
اضافة الى ان هذ السارد يعتني باضاءة مشهد حواري يدور بين حراس القصر في تلك الليلة الشتائية الباردة وهم في العراء دون تدفئة او جدران تحميهم ومن خلال حوارهم نتعرف على عالم خارج القصر يضم اصواتا تتطلع نحو افق مجهول، يظهر الجزء المرئي القريب منهم في هذا القصر الكبير مما ينمي وجهة نظر مساندة لاتجاهات السارد الساخطة على عالم الاغنياء بالتوصيف الذي اعتلى المتن وبوجهات النظر التي عمقها ساردون من داخل القصر.ان تقنية تعدد الاصوات الساردة في هذه القصة يمثل – من وجهة نظرنا - صوتا واحدا متعدد الاسماء نسميه (تعدد الصوت السارد) للتميز بينه وبين تعدد الاصوات الباختيني الذي يشير الى مفهوم اخر. بسبب ان هذه الاصوات ووجهات النظر التي ظهرت في هذه القصة، هي وجهات نظر متضامنة باتجاه تعزيز وجهة نظر السارد العليم/ المؤلف وايدولوجيته عن عالم الطبقات الغنية والمستغلة.
---------------------------------------------
من بحوث الملتقى القصصي الرابع ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مشروع قراءة في التجريب الفني في القصة العراقية القصيرة (بنية السارد نموذجا)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قراطيس ادباء البصرة :: اقلام ادبية :: نقد ادبي-
انتقل الى: