قالت وكالة اصوات العراق ان دائرة التحقيقات والمعلومات الوطنية في البصرة ابلغت أصحاب المطابع بعدم طبع اي صحيفة أو مجلة دون أستحصال موافقات مسبقة من قبلها حسب صاحب مطبعة الغدير في البصرة. ونسبت الوكالة الى صاحب المطبعة عبد الرضا العامري قوه "أبلغنا من قبل دائرة الأمن الوطني بعدم طبع أي مجلة أو صحيفة أو كتاب دون استحصال موافقات مسبقة من هذه الدائرة". واضاف، أن "الحصول على الموافقة يتضمن التعريف بالصحيفة أو المجلة وأسمها ومكان عملها والأعداد المطبوعة سابقا".وذكر أن "المطابع ستتوقف عن طبع أي مطبوع لم يستحصل الموافقات الأمنية لطبعه".وأشار العامري أن صاحب المطبوع هو الذي يقوم بالمراجعة لإستحصال هذه الموافقات. لا يوجد ما يستوجب عدم تصديق خبر الوكالة، الا ان تقوم دائرة التحقيقات والمعلومات الوطنية بتكذيب الخبر، والا فاننا سوف نعتبر ان ما اوردته الوكالة صحيحا في هذه اللحظة.
ولسنا ندري ان كان القرار صادرا من الدائرة بصورة محلية ام بتوجيه مباشر من وزارة الامن الوطني في بغداد. كما لا نعلم ما هي المبررات التي دعت الوزارة، محليا او مركزيا، الى اتخاذ مثل هذا الاجراء. لكننا لا نستبعد ان يكون لدى الوزارة او الدائرة التابعة لها من الاسباب ما يجعلها تعتقد اولا،ان قرارها صحيح، وثانيا، انه بمقدروها واقعيا ودستوريا اتخاذ مثل هذا القرار. ويمكن للوزارة ان تقول انها انما تريد ان تضيق الخناق على الجماعات الدينية المتطرفة التي تقوم بطبع كتب ومنشورات تدعو الى الفتنة والى العنف والافكار المنحرفة. لكننا، وبغض النظر عن ما يمكن ان تملكه الوزارة او الدائرة التابعة لها من مبررات، لا نوافقها الرأي ولا القرار الذي اتخذته ونعتبره مخالفا لأبسط مفاهيم وقواعد الديمقراطية، وللنصوص الدستورية. بل نعتبره انتهاكا خطيرا للحريات العامة، بما في ذلك حرية التعبير والنشر وتداول المعلومات، ويفرض رقابة مسبقة عليها.
بغض النظر عن كل شيء، يكشف القرار ان بعض الاجهزة التنفيذية في البلد لا تعرف ماهي الطريقة القانونية للحد من نشر المطبوعات التي تعتبرها مخلة بالامن العام. ولذا قد يكون من المفيد ان يذكرها احد ما بذلك، ولذا اقول لها ان القضاء والمحاكم هو الطريق الوحيد المتاح امامها ان كانت تملك حجة كافية ومقنعة تجيز حظر طبع او نشر شيء. هذا ما تفعله الدول الديمقراطية المتحضرة، حيث تلجأ الى القضاء اذا تنامى الى اجهزتها التنفيذية ان شيئا مخلا بالامن الوطني في طريقه الى النشر، فتسارع الى المحكمة لتحصل على قرار بمنع ذلك، اذا تمكنت من اقناع القاضي بصدق دعواها. اما ان يصدر مسؤول تنفيذي مثل قرار دائرة التحقيقات والمعلومات الوطنية في البصرة فهو امر لم نسمع به الا في العراق الجديد، فضلا عن العراق الذي سبقه!!