* حاوره: مصطفى حميد جاسم
بعد رحلة طويلة امتدت الى أكثر من ربع قرن ترك القاص محمود عبد الوهاب بصمة وأثرا بارزين ومهمين في الفن القصصي لما يمتلك من دراية في هذا الفن، واليوم ليس غريبا ان يكون القاص محمود عبد الوهاب رئيسا فخريا للمربد الشعري الرابع، انه جزء من الوفاء لرمز من رموز الثقافة العراقية والتي مازالت زاخرة بالعطاء الأدبي والقصصي. *في مهرجان المربد الرابع محور عن الروائي الراحل مهدي عيسى الصقر وأنت من اقرب أصدقائه، فما الذي تشعر حياله؟
ان الروائي الكبير الراحل مهدي عيسى الصقر يستحق له أكثر من محور ثقافي، وبهذه المناسبة أدعو الى أقامة ندوة متخصصة بأدبه يشترك فيها عدد من النقاد والدارسين وكتاب الرواية لدراسة رواياته بمنهجية بشكل أوسع من حدود المحور الواحد، إذ لم تكرس ندوات سابقة حول أدبه حسب علمي، على الرغم من ذلك فاني اشعر بالغبطة لإقامة هذا المحور في هذا المهرجان.
• كيف كانت علاقتك الشخصية بالروائي الراحل مهدي عيسى الصقر؟
• تعارفنا منذ منتصف الخمسينات بعد ان نشر أحدى قصصه في مجلة (الآداب) البيروتيه ونشر قصتي(القطار الصاعد الى بغداد) في العدد نفسه ومنذ ذلك الحين بدأنا بلقاءات متكررة وتكاد تكون يومية ومعنا مجموعة من الأصدقاء آنذاك مثل السياب والشاعر الراحل محمود البريكان. أهم ما يمكن ان يقال عن الراحل انه كاتب واقعي ودؤوب ويتميز أدبه بالانحياز الى الإنسان والى القيم الخيرة، وقد استعرض في كتابه(وجع الكتابة) كيف كان يعاني من البحث عن موضوعة الرواية ثم العمل على رسم معمارها البنائي. كان على الرغم مما يشعر به من جهد ومتاعب الكتابة فانه يكون أكثر حزنا لو لم يكن بين يديه مشروع رواية جديدة، قد نسمي ذلك (فرح الوجع) ان صح التعبير، ولي دراسة خاصة عن كتابه المذكور أشرت فيه الى تلك الحالات.
• هل كنت على اطلاع الى حد ما على طرائق الروائي الراحل مهدي عيسى الصقر أو عاداته في الكتابة؟
مما اذكر انه كان يختار عند الكتابة مكانا متواضعا، وكان يكتب بالقلم الجاف، وكثيرا ما يعيد قراءة مسوداته ولذلك أجد في تلك المسودات بعض الشطب والإشارات والأسهم لوضع ترتيب جديد للسياقات الجديدة بعد تعديلها. واعتقد انه غالبا ما يكون كتوما عنا يكتب وعندما نلتقي يعرض علي بعض تلك المسودات للاستماع الى وجهة نظري واستجابتي لما كتب وتلك خصلة حميدة تنم عن تواضعه، انه إنسان صادق مع نفسه ومع الآخرين وواثق مما يعمل ويقول ويكتب.
• ما هي رؤيتك حيال الأجيال الشعرية الجديدة؟
أني متفائل بظهور جيل أو أجيال شعرية وإبداعية جديدة، ذلك لان الحياة لا تقف مكانها، أنها كالبستان ينمو في تربته كثير من الأزاهير والثمار. وأود ان أقول ان على المبدعين ان يكرسوا همهم الأكبر في ابداعهم قراءة وكتابة وخبرة حياتية وعناية باللغة ، ان من يمتلك لغة ثرة لا يعجز عما يدور من تجربة أو مشاعر فبين اللغة والتفكير علاقة متينة مما يلزم المبدع الاهتمام إزاءها.
• ما هو جديد القاص محمود عبد الوهاب؟
لدي رواية كاملة وقد نشر فصل منها في ملف جريدة(الصباح) وهي بعنوان (سيرة بحجم الكف) ومجموعة قصصية تكاد تكتمل، نشر منها ثلاث قصص هي(امرأة الجاحظ، در كوكو، وتلك الليلة) كما اعد الآن سيرتي الشخصية على شكل مختلف من حيث التسلسل الزمني أنها لا تكترث بترتيب الزمن على شكل خطي وإنما كتبت على شكل نصوص تحمل عنوانات معينة وتتضمن حدثا من حياتي مثل(الطفولة والشباب ،وزمن الكتابة وأصدقاء الكتابة) سميت ذلك (الكلام عما جرى) وبين حين وأخر الجأ الى كتابة دراسات في القصة وملاحظات عنها.